إينيجو مارتينيز- من جذور الباسك إلى ثلاثية برشلونة وطموح النصر.

«عائلتي وجذوري الباسكية هما الركيزتان الأساسيتان اللتان أستمد منهما قوتي وعزيمتي»، بهذه الكلمات المعبرة يصف إنيجو مارتينيز بيريدي، اللاعب الفذ، التناغم العجيب بين تألقه اللافت في عالم كرة القدم واستمتاعه بحياة هادئة بعيدًا عن صخب الشهرة والأضواء البراقة.
في ربوع قرية أونداروا الساحلية الساحرة، الواقعة في إقليم الباسك الخلاب، حيث تتعانق أمواج البحر المتلاطمة مع التقاليد والأعراف الراسخة، أبصر إنيجو النور في السابع عشر من شهر مايو عام 1991.
هناك، وسط عبق البحر المنعش وشغفه الجارف بكرة القدم، انطلقت حكاية هذا المدافع الصلب، الذي خط اسمه بأحرف من ذهب في سجلات كرة القدم الإسبانية.
في بواكير حياته، انضم إلى صفوف فريق أوريرا أونداروا المحلي، قبل أن تقع عليه أعين كشافي نادي ريال سوسيداد المرموق في عام 2006.
هناك، في أكاديمية الشباب التابعة للنادي، صقل موهبته الكروية الفذة وسط أجواء مباريات الديربيات الحماسية وثقافة الانضباط الدفاعي الصارمة، والتي شكلت فيما بعد أسلوبه القتالي المتميز.
بحلول عام 2011، بات اسم إنيجو مألوفًا لدى جميع عشاق الدوري الإسباني، وقاد ريال سوسيداد إلى معترك دوري أبطال أوروبا موسم 2012ـ2013، وذلك للمرة الأولى منذ عقدين من الزمن، الأمر الذي جعله محط أنظار الجميع، وبدأوا يقارنونه بأسطورة نادي برشلونة، كارليس بويول.
في عام 2018، خط إنيجو فصلًا جديدًا ومثيرًا في مسيرته الكروية بانضمامه إلى صفوف نادي أتلتيك بلباو، الذي لم يتردد في دفع مبلغ 32 مليون يورو لضمه، في صفقة قياسية عكست مدى طموحه وتطلعاته الكبيرة.
لمدة خمسة أعوام متتالية، كان إنيجو بمثابة الركيزة الأساسية في خط دفاع الفريق، حيث شارك في أكثر من 150 مباراة، وقاد فريقه للتتويج بلقب كأس السوبر الإسباني عام 2021.
في شهر يوليو من عام 2023، بدأ إنيجو مغامرة جديدة ومثيرة بانضمامه إلى صفوف نادي برشلونة في صفقة انتقال حر.
وعلى الرغم من تأخر ظهوره الأول مع الفريق، نتيجة للإصابات المتلاحقة، إلا أنه سرعان ما أثبت جدارته واستحقاقه تحت قيادة المدرب القدير هانسي فليك في موسم 2024/2025.
وإلى جانب الشاب الواعد باو كوبارسي، شكل إنيجو ثنائيًا دفاعيًا متينًا ومنيعًا، أسهم بشكل فعال في تحقيق نادي برشلونة للثلاثية المحلية المتمثلة في «الدوري، وكأس الملك، وكأس السوبر».
هدفه الأول مع الفريق في مسابقة دوري أبطال أوروبا، والذي جاء في مرمى فريق يونج بويز السويسري، كان بمثابة إعلان واضح وصريح عن عودته القوية والمظفرة.
«إنيجو يضفي الاستقرار والخبرة على الفريق»، بهذه الكلمات أشاد المدرب فليك بقدرة اللاعب على قيادة خط الدفاع بذكاء وحنكة.
وعلى الصعيد الدولي، مثل إنيجو منتخب إسبانيا منذ ظهوره الأول في عام 2013، وشارك في 21 مباراة دولية حتى عام 2025، وتمكن خلالها من تسجيل هدف واحد.
كما كان جزءًا لا يتجزأ من تشكيلة منتخب إسبانيا في بطولة أمم أوروبا 2020، حيث وصل الفريق إلى الدور نصف النهائي، وشارك أيضًا في نهائيات كأس العالم 2018.
خارج المستطيل الأخضر، يعيش إنيجو حياة هادئة ومستقرة برفقة زوجته نيريا وابنتيهما نيكول وباولي.
في مدينة برشلونة، يظهر إنيجو بين الحين والآخر في المطاعم، أو أثناء قيامه بنزهات عائلية، إلا أنه يحرص دائمًا على الحفاظ على خصوصيته وعدم إقحام عائلته في الأضواء.
ويتجلى عشقه وولعه بالطبيعة الخلابة في هواياته المتنوعة، مثل ركوب الأمواج والتجديف، بينما تعكس زياراته المتكررة إلى مسقط رأسه أونداروا ارتباطه الوثيق بجذوره الباسكية.
«أحب العودة إلى مسقط رأسي، حيث أجد السلام والراحة»، بهذه الكلمات يعبر إنيجو عن حبه لبلدته، وهو الذي يمتلك منزلًا بسيطًا في برشلونة يعكس ذوقه الرفيع.
وفي إقليم الباسك، يدعم إنيجو العديد من البرامج التعليمية والرياضية الموجهة للشباب، إلا أنه يفضل القيام بهذا العمل بعيدًا عن الأضواء والضجيج الإعلامي.
«لا أحب الدعاية، أريد فقط أن أترك أثرًا إيجابيًا في المجتمع»، بهذه الكلمات يختتم إنيجو حديثه، مما يظهر مدى تواضعه الجم الذي أكسبه احترام وتقدير المجتمع المحلي.
ومع تمديد عقده مع نادي برشلونة حتى عام 2026، تلوح في الأفق فرصة سانحة للانتقال إلى نادي النصر السعودي في صفقة مغرية قد تغير مسار إنيجو في سن الرابعة والثلاثين، وتكتب فصلًا جديدًا في رحلة هذا المدافع المرموق، المشهور ببراعته الفائقة في نصب مصائد التسلل للخصوم، حاملًا إرث الباسك العريق، وطموحًا لا ينضب من برشلونة إلى الرياض.